دولة قطر تؤكد على أهمية وجود نظام فعال للعدالة الجنائية للرد على الإرهاب

نيويورك في 13 مارس /قنا/ أكدت دولة قطر على أهمية وجود نظام فعال للعدالة الجنائية للرد على الإرهاب شرط أن يأخذ هذا النظام في الاعتبار المساواة بين الجنسين، وأن يستند إلى حقوق الإنسان.

جاء ذلك في كلمة الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة خلال الجلسة رفيعة المستوى حول "إعادة تأهيل النساء المنخرطات سابقاً في الجماعات الإرهابية وإعادة إدماجهن" التي عقدها بالتعاون مع وفود باكستان والعراق ونيجيريا وكندا ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في مقر المنظمة الدولية بنيويورك، على هامش أعمال الدورة الثالثة والستين للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة التي بدأت أعمالها أول أمس /الإثنين/.

وركزت الجلسة التي رأستها وأدارت أعمالها سعادة السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، على استعراض الآثار المتعددة والعوامل المختلفة التي تدفع النساء والرجال والأطفال للانخراط والتأثر في الإرهاب العنيف، وحاول المشاركون رسم سياسات واستراتيجيات للتعامل مع ظاهرة النساء والفتيات المنخرطات سابقا في الجماعات الإرهابية.

ورحب سعادة السيد يوسف بن محمد العثمان فخرو، وزير التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، بالجلسة التي شهدت حضوراً مكثفاً، ووصفها بالهامة، وقال سعادته في بيانه، إن حوار اليوم هو استمرار للمناقشات التي بدأت في عام 2015 في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي عقد في دولة قطر.

وأشار إلى إعلان الدوحة الذي ينص على الالتزام العالمي لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وإلى جانب برامج وتدابير أوسع للتنمية الاجتماعية والاقتصادية واحترام التنوع الثقافي والسلام الاجتماع والاندماج الاجتماعي.

ونوّه سعادته باتفاق التمويل بقيمة 50 مليون دولار بين دولة قطر ومكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة لإنشاء البرنامج العالمي لتنفيذ إعلان الدوحة، وقال إنه "لم يسبق له مثيل".

كما أشار إلى مبادرة التعليم من أجل العدالة التي يتم من خلالها دعم المعلمين لتمكين الشباب والشابات من التخرج من المدارس والجامعات بالمهارات المناسبة لتجعلهم مواطنين مسؤولين يكون لهم تأثير بالغ في المجتمع.

كما شدد على أهمية إعادة تأهيل وإدماج الشبان والشابات وقال "إن إدماج الشباب الذين ارتبطوا بالجماعات الإرهابية في السابق مسألة واسعة الانتشار عبر المناطق الجغرافية، وإنه يجب صياغته في إطار احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي وكرامة الإنسان وتحقيق التوازن بين الاستجابات العسكرية وإنفاذ القانون".

وأشار في هذا السياق إلى مذكرة التفاهم التي وقعتها مؤسسة "صلتك" مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، موضحاً أن الهدف منها مكافحة التطرف من خلال مبادرات تمكين الشباب وإمكانية التوظيف.

وأكد على أن هذا التعاون يعكس الجهود التي تبذلها دولة قطر للقضاء على الإرهاب وحماية الشباب والشابات من الانحراف نحو الأيديولوجيات المتطرفة من خلال توفير فرص العمل وفرص العيش الكريمة وبرامج التمويل. كما نوه سعادته باتفاقية الشراكة التي وقعتها دولة قطر مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بقيمة 75 مليون دولار والتي سيتم تمديدها على مدى خمس سنوات.

وفي ختام بيانه قال سعادة الوزير "إن دولة قطر تفخر كونها أحد الأعضاء المؤسسين للصندوق العالمي لمشاركة وتكييف المجتمعات المحلية ومساعدتها على الصمود ضد التطرف".

حضر الجلسة عدد كبير من وفود الدول المشاركين في أعمال الدورة الثالثة والستين للجنة وضع المرأة، وكذلك من منظمات المجتمع المدني ومن المنظمات النسائية وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي لدى الأمم المتحدة.

من جانبها شددت سعادة السيدة عائشة أبو بكر، وزيرة شؤون المرأة والتنمية الاجتماعية في نيجيريا خلال الجلسة رفيعة المستوى حول "إعادة تأهيل النساء المنخرطات سابقاً في الجماعات الإرهابية وإعادة إدماجهن"، على أهمية تعزيز وإغناء نظام العدالة الجنائية، وألا يقتصر على المساواة بين الجنسين، بل عليه أن يراعي الحساسية إزاء المساواة. ودعت في بيانها إلى رسم سياسات تراعي جوانب انخراط المرأة في الإرهاب وقالت "إنه حقيقة أمر محزن أن نرى المرأة على ارتباط بالإرهاب". واستعرضت تجربة نيجيريا مع منظمة /بوكو حرام/.

وأوضحت أن ارتباط المرأة بالإرهاب يحدث في نيجيريا من خلال الاختطاف، كما أن النساء والفتيات أصبحن أهدافا سهلة للجماعات الإرهابية.

وركزت على ضرورة إنشاء نظام للعدالة الجنائية قوي وأن يأخذ في نظر الاعتبار المساواة بين الجنسين. وتابعت "أن على نظام العدالة الجنائية أن ينظر إلى كيفية انخراط وتعامل المرأة مع الإرهاب"، وقالت "إنه لا ينبغي أن يقتصر نظام العدالة على المساواة بين الجنسين بل عليه أن يراعي الحساسية إزاء المساواة".

وأضافت أنه على هذا النظام أن يكون سبيلاً لاستعادة وتأهيل النساء والفتيات اللواتي عشن تجارب فظيعة وعلى أن ينظر إلى النساء كضحايا وليس النظر إليهن كمجرمات.

بدورها استعرضت السيدة هالة شاكير سليم، نائبة وزير خارجية العراق، تجربة العراق مع تنظيم /داعش/، مركزة على قسوة التنظيم واستهدافه بشكل خاص النساء والأقليات كالأيزيديين والمسيحيين وغيرهم. كما أشارت إلى الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية لمكافحة الإرهاب، ودعت في هذا الإطار إلى تطوير التشريعات القانونية والدستورية لتكون شاملة بهدف تعزيز المساواة بين الجنسين وتعزيز وضع المرأة، ووضع برامج لتأهيل النساء ضحايا الإرهاب والتطرف.

وسلط السيد فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لمكتب مكافحة الإرهاب، الضوء على الحالة الإنسانية للعديد من النساء والفتيات المحتجزات في السجون والمعسكرات في العراق وسوريا بعد انهيار تنظيم /داعش/.

ودعا المجتمع الدولي إلى معالجة الأزمة الإنسانية للنساء في معسكرات ومعتقلات العراق وسوريا اللواتي يعانين من التعذيب والفقر ويفتقرن لأي مستقبل لهن ولأطفالهن. كما دعا إلى إجراء تحقيق لكل فرد لمعرفة وتحديد الضحايا ومرتكبي الجرائم. وشدد السيد فورونكوف على أهمية دعم وتأهيل الأفراد من النساء والرجال الذين يرغبون بالعودة إلى بلدانهم الأصلية. كما شدد على ضرورة البدء في عملية لإجراء محاكمات عادلة لمرتكبي جرائم الإرهاب تراعي حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وطالب المجتمع الدولي بدعم إعادة تأهيل النساء والرجال والأطفال من أجل إنهاء دائرة العنف.

من جانبها اعتبرت السيدة ميشيل كونتاس، مساعد أمين عام الأمم المتحدة في المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، ظاهرة عودة الفتيات والنساء ضحايا الإرهاب أو من لهن صلة بالجماعات الإرهابية، "مسألة معقدة" وأمراً جديداً يواجهه المجتمع الدولي.

وشددت في مداخلتها على معالجة هذه الظاهرة من خلال المحاكمة والتأهيل والاندماج مع الأخذ في نظر الاعتبار بعد المساواة بين الجنسيين. كما دعت إلى إصلاح الجهاز الأمني على الصعيد الوطني، وأكدت على أهمية استثمار المرأة كعامل للوقاية ضد الإرهاب والتطرف، وضرورة انخراط المرأة في مكافحة الإرهاب.

أما سعادة السفيرة الدكتورة مليكة لودهي، المندوب الدائم لجمهورية باكستان لدى الأمم المتحدة، فقد شددت على أهمية إجراء تحقيق ودراسات حول دوافع انخراط المرأة بالإرهاب. وذكرت أن باكستان تواجه تحديات لإعادة تأهيل المرأة والنساء العائدات من مناطق النزاع.

كما أشارت إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام ورجال الدين لتشجيع التنوع والمساواة في المجتمع، داعية إلى انخراط النساء في قوات الأمن الوطني.

وفي الختام استعرضت السيدة سيمون موناسيبيان، مديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الفجوة بين سياسة الدول وضحايا الإرهاب من النساء، ودعت إلى مساعدة الدول الأعضاء على احترام مبدأ المساواة بين الجنسين من أجل منع تجنيد الفتيات في أي نوع من أنواع التطرف العنيف، كما أكدت على أهمية محاكمة وتأهيل واندماج النساء المنخرطات سابقا في الجماعات الإرهابية.. مشددة في هذا الإطار على تحقيق أهداف التنمية المستدامة كإطار من شأنه أن يقلص خطر انخراط الفتيات أو النساء في الجماعات الإرهابية.