دولة قطر تؤكد أن المعاناة الإنسانية لسكان غزة بلغت حدّاً يفوق الوصف جراء العدوان الإسرائيلي

أكدت دولة قطر أن المعاناة الإنسانية التي يشهدها سكان قطاع غزة بلغت حدّاً يفوق الوصف جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عام، والذي امتد إلى الضفة الغربية ثمّ إلى لبنان، بالرغم من التحذيرات المتكررة بخطر تطور وتوسع الصراع في المنطقة. جاء ذلك في بيان دولة قطر الذي ألقته سعادة الشيخة علياء بنت أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، أمــــام اجتماع المناقشة المفتوحة الفصلية لمجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

وقالت سعادتها أن دولة قطر تكرر إدانتها الشديدة للعدوان الوحشي والعقاب الجماعي في قطاع غزة، الذي تسبب بدمارٍ شامل فيه، وجعل غالبية سكانه من النازحين، حيث لم يَعُد اليوم في قطاع غزة أيّ مكان آمن، مضيفة أن بيان المنسق الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة يوضح أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل بصورة متزايدة منذ بداية أكتوبر على حرمان شمال غزة وقَطّع سُبل وصوله إلى الإمدادات الأساسية، مما يعني تخيير السكان بين النزوح القسري أو مواجهة المجاعة والقصف، وكلا الخيارين هو انتهاك صريح للقانون الإنساني الدولي، مسترشدة بما بيّنه المفوض السامي لحقوق الإنسان بأن النقل القسري لسكان شمال غزة من شأنه أن يرقى إلى أن يكون جريمة حرب.

وأكدت سعادتها أن عدوان قوات الاحتلال اشتمل على ارتكاب فظائع ترقى إلى جرائم حرب بحسب القانون الدولي، بما فيها قصف الأحياء المكتظة بالسكان وخيام النازحين، وقطع الإمدادات الإنسانية الأساسية، والتهجير القسري بما فيه أوامر الإجلاء إلى ما يسمى بالطرق والمناطق الآمنة التي تُقصف بعد لجوء المُهجَّرين إليها، وسياسة الحصار والتجويع، واستهداف مقرات وقوافل الأمم المتحدة، حيث تشكل كل هذه الإجراءات انتهاكات صريحة لاتفاقيات جنيف، التي تُلزم السلطة القائمة بالاحتلال بتوفير الغذاء والدواء.

وأضافت سعادتها أن هذه الإجراءات تخرق قرارات مجلس الأمن كذلك، فبحسب تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بلغ عدد الضحايا في قطاع غزة أكثر من 42 ألفاً، ووصل قرابة 500 ألف شخص إلى مستوى المجاعة، وانخفض عدد الشاحنات العابرة إلى أدنى مستوى، كما أُغلقت المنافذ خلال الشهر الجاري، وفُرض حصار شبه كامل على شمال غزة.

ونوهت إلى أن ما يحدث الآن في قطاع غزة يدل على محاولة لتدمير سُبل الحياة فيه، وهو خرق لقرار مجلس الأمن رقم 2735 الذي رفض أية محاولة لإحداث تغيير ديموغرافي أو إقليمي في القطاع. وأشارت المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، إلى مرور تسعة أشهر دون تنفيذ الأوامر المؤقتة لمحكمة العدل الدولية التي نصت على أن تتخذ إسرائيل كل التدابير الممكنة لمنع ارتكاب أفعال ضد الفلسطينيين تدخل في نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ومنع التحريض على ارتكاب الإبادة، وتمكين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.

وأكدت أن دولة قطر ترفض محاولات استهداف وتشويه سمعة الأونروا، وهي وكالة إنسانية لا بديل عنها وازدادت الحاجة إليها في ظل الكارثة الإنسانية الراهنة، حيث أن محاولة تقويض الأونروا تستهدف بالدرجة الأولى الشرعية الدولية التي أنشأت الوكالة في إطار المسؤولية الجماعية تجاه قضية اللاجئين إلى حين تسويتها العادلة، لذلك ينبغي دعم الأونروا، مشيرة إلى أن دولة قطر رفعت هذا العام من مساهمتها لصالح الوكالة. وذكرت سعادتها أن استهداف الاونروا يأتي في إطار حملة ضد الأمم المتحدة بأكملها، وعلى رأسها أمينها العام، معربة في هذا الخصوص عن تضامن دولة قطر التام مع الأمين العام للأمم المتحدة، ومشيدة بجهوده ومساعيه الحميدة التي تندرج ضمن أداء ولاية المنظمة الدولية في تسوية المنازعات والعمل الإنساني.

وأفادت سعادتها بإن دولة قطر تدين العدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق الذي تسبب بآلاف القتلى والجرحى، مضيفة أن دولة قطر تدعم الجهود الدبلوماسية لوقف التصعيد، حيث انضمت إلى الدعوة الأمريكية-الفرنسية لوقف إطلاق نار مؤقت لمدة 21 يوما بغية إعطاء المجال للحل الدبلوماسي الدائم وتطبيق القرار 1701، كما سارعت دولة قطر إلى المساهمة في التصدي للأزمة الإنسانية المتفاقمة في لبنان من خلال تقديم المساعدات الغوثية، مما يُضاف إلى الجهود الإنسانية التي تبذلها للتخفيف من المعاناة في غزة وتقديم العلاج للجرحى، ودعم جهود الأمم المتحدة الإنسانية. وبشأن تعرض قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) إلى هجمات مباشرة ومتكررة من القوات الإسرائيلية، أشارت سعادتها إلى أن دولة قطر، بوصفها دولة مساهمة بقوات في يونيفيل، انضمت إلى البيان المشترك لإدانة الاعتداءات على بعثةٍ مفوّضةٍ من قِبل مجلس الأمن، فيما يمثل مخالفةً للالتزامات بموجب الميثاق والقانون الدولي، وتهديداً لدور اليونيفيل الحيوي لحفظ الاستقرار. وقالت سعادتها: "إن تدمير سُبل حياة شعب بأكمله لا يمكن أن يحقق السلام والأمن لأحد، وهناك إدراك دولي واسع، عبّرت عنه قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بأن تحقيق الأمن يتطلب السلام العادل والدائم والشامل، وأن التسوية الوحيدة للقضية الفلسطينية هي حل الدولتين الذي يشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والذي يجسد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الشقيق، فقد آن أوان الاعتراف بدولة فلسطين ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة التي استوفت شروطها." وأكدت إن مسؤولية مجلس الأمن هي الدفع نحو تحقيق هذا الحل المستدام للقضية الفلسطينية، وكخطوة أولى، منعُ المزيد من التصعيد والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وفي لبنان، ووقف اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية، والتصدي لأية محاولات لاستغلال الوضع الراهن بغية توسيع الاستيطان في الأرض المحتلة أو المساس بالوضع القائم في المقدسات الدينية بالقدس، بالإضافة إلى إرسال رسالة واضحة بدعم الأمم المتحدة ووكالاتها بما فيها الأونروا وبعثاتها لحفظ السلام.

وسلطت سعادتها الضوء على الجهود الحثيثة التي بذلتها دولة قطر على مدى عام، مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، التي ترمي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإخلاء سبيل الأسرى والمحتجزين وإيصال المساعدات الكافية إلى المحتاجين، وبالتالي التمهيد لإجراء مفاوضات جادة تفضي إلى حل مستدام، مشيرة في هذا الصدد إلى أن هذه الجهود أدت إلى اتفاق هدنة في نوفمبر الماضي. وأضافت أنه رغم العقبات التي تعرقل الوساطة، فإن دولة قطر مستمرة في جهودها الرامية لاستئناف المفاوضات لوقف الحرب في غزة والوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار. وأكدت سعادتها أن لدى مجلس الأمن الأدوات اللازمة بموجب الميثاق لمنع استمرار هذا الوضع غير المقبول، ولضمان تنفيذ قراراته، وعبرت عن دعوة دولة قطر لجميع أعضاء المجلس إلى النهوض بهذه المسؤولية الكبيرة في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به المنطقة وشعوبها.