العلاقات بين دولة قطر ومنظمة الأمم المتحدة


إيماناً من دولة قطر بأهمية الشراكة الاستراتيجية مع الأمم المتحدة، فقد حرصت على المساهمة الفاعلة لتعزيز الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لحفظ الأمن والسلم الدوليين، ودعم عملية التنمية التي بدونها لن تتحقق الأهداف المنشودة للأمم المتحدة، وتعزيز حقوق الإنسان، وتقديم المساعدة الإنسانية، والمشاركة في العمل الجماعي بهدف التصدي للتحديات القائمة والناشئة التي تواجه العالم. وأصبحت دولة قطر حاضرة بقوة في أغلب أنشطة الأمم المتحدة، وفي المجموعات الإقليمية والدولية من أجل التوصل إلى حلول للأزمات الإقليمية والدولية ومنع النزاعات وحفظ السلام وبناء السلام بعد الصراع، وهي إحدى الدول المساهمة بقوات في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وكمساهمة من دولة قطر في الجهود الإقليمية والدولية تستضيف الدوحة مؤتمرات واجتماعات وورش عمل تعنى بتعزيز السلم والأمن الدوليين وبقضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتعزيز ثقافة السلام.

ومن أبرز المجالات الهامة التي تنشط فيها دولة قطر على الصعيد الدولي:

الوساطة

في ضوء الأهمية التي توليها السياسة الخارجية لدولة قطر لموضوع حل النزاعات بالسبل السلمية وفق ميثاق الأمم المتحدة، أولت أهمية للوساطة لحل النزاعات، وحققت الدبلوماسية القطرية نجاحات مهمة في الدول التي شهدت نزاعات داخلية أو دولية. وقد انطلقت دولة قطر من أن الوساطة هي الحل الأمثل الذي يؤدي إلى تجنب وقوع الصراع وازدياد أعداد ضحاياه، وتفاقم تكاليفه البشرية والاقتصادية والتنموية. وعليه، نهضت بدورٍ فاعل لتعزيز الوساطة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مجلس الأمن والجمعية العامة والانخراط ضمن مجموعة أصدقاء الوساطة. وكانت دولة قطر وسيطا نزيها ومخلصا مما ساهم في إنجاح جهودها في عدة أزمات مثل مسألة دارفور، والوساطة بين إريتريا وجيبوتي، وغيرها كثير.

حوار الأديان وتحالف الحضارات

تنظر دولة قطر إلى الحوار بين الأديان والحضارات بكونه آلية لا غنى عنها لإقامة جسور التواصل بين المجتمعات والشعوب ومعرفة الآخر والاحترام المتبادل وتحقيق الاستقرار. وفي ضوء ما يشهده العالم من تحديات عديدة تُهدِّد السلام العالمي والعيش المشترك، وإزاء تنامي مظاهر التعصب والكراهية وانتشار الصراعات العنيفة والتطرُّف، دعمت دولة قطر بقوة مبادرة إنشاء تحالف الحضارات التي تضطلع اليوم بدورٍ فاعلٍ في الترويج لثقافة السلام، ولم تألُ الدولة أي جهدٍ ممكنٍ من أجل زيادة قدرة التحالف على الاضطلاع برسالته، وواصلت تقديم كافة أنواع الدعم له. واستضافت المنتدى العالمي الرابع لتحالف الحضارات في الدوحة في شهر ديسمبر 2011.

وحرصاً من دولة قطر لإرساء دعائم السلام العالمي، وتعزيز الحوار بين الأديان، ومكافحة التمييز على أساس الدين أو المُعتقَد، أنشأت الدولة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، الذي يسعى لنشر ثقافة الحوار، وتعزيز ثقافة قبول الآخر والتعايش السلمي بين أتباع الديانات والحضارات. كما تستضيف دولة قطر سنوياً مؤتمر الدوحة الدولي لحوار الأديان، الذي يشارك فيه مفكرين وعلماء وممثلي الديانات، ومن أنحاءٍ مختلفةٍ من العالم. وتَفخّر دولة قطر باحتضانها لأكثر من مليون شخص ينحدرون من أوطان ومناطق لها أديان وثقافات مختلفة، ويعيشون بتناغم دون أن يفقد أي منهم هويته وخصوصيته الثقافية، ويساهمون في عملية التنمية التي توليها دولة قطر أولوية في خططها.

حقوق الإنسان

يشكَّل تعزيز وحماية حقوق الإنسان أحد الركائز الأساسية في سياسة دولة قطر، وخياراً استراتيجياً تستند إليه في عملية الإصلاح الشامل التي تنتهجها الدولة، وهو ما تم التأكيد عليه في الرؤية الشاملة للتنمية المعروفة باسم ”رؤية قطر الوطنية 2030“ التي انطوت على محاور هامة تتطرق للقضايا الرئيسية لحقوق الإنسان في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق العمالة وتمكين المرأة وحقوق الطفل، وكذلك في استراتيجية التنمية الوطنية وتعزيز المؤسسات الوطنية ذات الصلة ومنها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.

ووفق هذا المنظور، سعت دولة قطر للحصول على العضوية في مجلس حقوق الإنسان منذ تأسيسه، ذلك إيمانا منها بالدور الهام الذي يؤديه المجلس، بوصفه الهيئة الرئيسية في الأمم المتحدة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان.  

وضمن هذا السياق، حرصت دولة قطر خلال عضويتها في مجلس حقوق الإنسان في الفترة 2007-2010 و2011-2013 على المشاركة الفعالة والتعاون البنّاء مع الدول الأعضاء من أجل الاضطلاع بولاية المجلس على أفضل وجه وتحقيق الأغراض النبيلة التي أنشئ من أجلها. وتم انتخابها وللمرة الثالثة للفترة 2015-2017، وذلك مواصلة لدورها الفعال في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان، انطلاقا من المبادئ التي نص عليها الدستور القطري، وكونها طرفاً في معظم الصكوك الدولية الأساسية المعنية بحقوق الإنسان، حيث تم تعديل القوانين والتشريعات الوطنية وفقا لتلك الصكوك ومتابعة تنفيذها. وكذلك التعاون مع الآليات الدولية والإقليمية الأخرى المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تعاونها الجاد والمثمر في عملية استعراض التقارير الوطنية لدولة قطر أمام الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل. كما حرصت على التعاون مع الهيئات المنبثقة عن المعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان والوفاء بالتزاماتها تجاه تلك الهيئات، فضلا عن المساهمة القيّمة للخبراء القطريين، خلال عضويتهم في اللجان المعنية بالمعاهدات وأنشطة مجلس حقوق الإنسان المختلفة. كما شاركت بفعّالية ضمن المجموعات الأخرى التي تهتم بالتصدي لتهديدات محددة لحقوق الإنسان، مثل مجموعة الأصدقاء المتحدين ضد الإتجار بالبشر وغيرها.

وتماشياً مع سياسة دولة قطر، تستضيف الدوحة مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية بالدوحة، الذي ينهض بدور كبير في المنطقة لرفع الوعي بموضوع حقوق الإنسان، وعقد الاجتماعات وورش العمل وتدريب الموظفين العاملين في المؤسسات الحكومية والناشطين في هذا المجال.

مساهمات دولة قطر في الجانب الاجتماعي

طرحت دولة قطر عدة مبادرات في المجال الاجتماعي على الصعيد الدولي ومنها: مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر بشأن ”حماية التعليم في مناطق النزاعات وانعدام الأمن“، التي تُعنى بحماية ودعم تعزيز الحق في التعليم بالمناطق الواقعة أو المهددة بالأزمات والصراعات والحروب، ومبادرة أيادي الخير نحو آسيا (روتا)، وهو مؤسسة خيرية تعمل تحت مظلة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع وتهدف إلى دعم المجتمعات تجاه تخطي العقبات وإيجاد الروابط التي تتيح تحقيق التعليم للجميع، ومبادرة ”صلتك“، وهي مبادرة اجتماعية تعمل على توسيع فرص التوظيف والأعمال للشباب في العالم العربي بأكمله، وتدعم المؤسسة مشاريع يديرها الشباب، ومبادرة ”علم طفلاً“ وهي مبادرة عالمية تهدف إلى تقليص أعداد الأطفال الذين فقدوا حقهم في التعليم في جميع أنحاء العالم بسبب النزاعات والحروب والكوارث الطبيعية، والفئات التي يمكن أن تواجه تحديات خاصة للحصول على التعليم مثل الفتيات والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات.

وانطلاقا من الآثار إيجابية والصحية والاجتماعية للرياضة وكونها عنصراً هاماً في التنمية البشرية ووسيلة لتعزيز التعليم والصحة والتنمية والسلام والتعاون والتسامح والإدماج الاجتماعي، ستستضيف دولة قطر كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

وعلى مستوى الأمم المتحدة، تولت دولة قطر دوراً ريادياً في دعم المسائل التي تنهض بدور الأسرة بوصفها اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وتحقيق التنمية الاجتماعية، ويتولى الوفد الدائم دور ميسر المشاورات على مشاريع القرارات التي تعتمدها الجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي حول الأسرة، كما أن دولة قطر عضو مؤسس في مجموعة أصدقاء الأسرة في نيويورك.

كما بادرت دولة قطر بتقديم مشروع قرار الجمعية العامة الذي بموجبه تم إعلان يوم 2 أبريل من كل عام يوماً دولياً لمرض التوحد بهدف رفع الوعي بهذا المرض وكيفية إدماج الأشخاص ذوو التوحد في المجتمع فضلاً عن المساهمة في البحوث العلمية في هذا الجانب.

مساهمات دولة قطر في الجانب الإنساني والتنموي

ضمن الرؤية المتكاملة لسياسات دولة قطر على المستوى الوطني والدولي تعير الدولة أهمية كبيرة لمسألة التنمية المستدامة بأوجهها المختلفة، وتدرك أن تحقيق التنمية المستدامة هو تحدّ هام للدول على المستوى الوطني وكذلك تحدّ عالمي ينبغي أن يشترك المجتمع الدولي في التصدي له. وتشارك دولة قطر مشاركة نشطة وتفاعلية مع الدول الأخرى في المفاوضات الجارية بشأن خطة التنمية لما بعد 2015، التي تشتمل على الخطة المستقبلية للمجتمع الدولي في المجالات الإنمائية والاجتماعية والبيئية وغيرها.

وتولي دولة قطر مسألة تغير المناخ أهمية باعتبارها من التحديات الراهنة والمستقبلية للعالم، واستضافت في ذلك الخصوص المؤتمر الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP18). كما أطلق حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، مبادرة لإنشاء منظمة دولية للأراضي الجافة، وكانت دولة قطر قد ساهمت في تأسيس التحالف العالمي للأراضي الجافة، وانضمت لعضوية مجموعة الأصدقاء لمكافحة التصحر. وطرحت دولة قطر عدة مبادرات إنسانية وإنمائية على الصعيد الدولي، منها مبادرة ”هوبفور“ لتعزيز فعالية وتنسيق استخدام أصول الدفاع العسكري والمدني لمواجهة الكوارث الطبيعية. ويتولى الوفد الدائم في نيويورك مهمة منسق اللجنة العاملة المعنية بالتنمية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي.

ونظرا لما يمثله الجانب الإنساني في سياسة الدولة ويعكس القيم والمبادئ للشعب القطري كانت دولة قطر ولا زالت في طليعة الدول التي تقدم مساعدات إنسانية وتنموية على المستوى الثنائي ومن خلال الأمم المتحدة وفي جميع مناطق العالم لا سيما للدول النامية التي تواجه أزمات وكوارث طبيعية، وذلك من خلال صندوق قطر للتنمية وإدارة التنمية الدولية بوزارة الخارجية. وفي ضوء المساهمات الإنسانية الكبيرة للدولة فإنها تشغل عضوية مجلس إدارة صندوق الأمم المتحدة المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ.

مكافحة الإرهاب

تشارك دولة قطر بفعالية في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتتعاون مع الأجهزة المعنية بمكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن واللجان المختصة، وتؤكد على وجوب معالجة جذور الإرهاب، وعدم ربطه بأي دين أو فكر أو حضارة، وتسعى مع الدول الأخرى للتوصل لتعريف للإرهاب يأخذ بالاعتبار حق الشعوب في تقرير المصير، والالتزام بتجريم كراهية الأديان والإساءة للرموز الدينية.

المساهمات المالية لدعم الأمم المتحدة

تحرص دولة قطر على دعم أجهزة الأمم المتحدة بكافة الوسائل المتاحة، وتوفير مستلزمات عملها لتمكينها من القيام بمهامها وتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. وبالإضافة الى مساهماتها الإلزامية في تمويل الميزانية العادية وعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حرصت على تقديم تبرعات طوعية  للعديد من صناديق وبرامج الأمم المتحدة التي تهدف إلى تخفيف الفقر ونشر التعليم الأساسي والاستجابة الطارئة للكوارث والأزمات، وقد تبرعت دولة قطر خلال الفترة من 2000 إلى 2014 إلى أكثر من 41 هيئة أو كيان تابع للأمم المتحدة.

وتستند التبرعات الطوعية على نهج وطني متكامل يتسق مع أولويات الدولة واستراتيجياتها لدعم جهود المؤسسات الدولية في مجالات مختلفة منها الوساطة، وتعزيز خطط التنمية المستدامة، وتعزيز أوضاع الأطفال وحمايتهم في الدول النامية، والقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات، وتعزيز المساعدة الإنسانية في مناطق النزاعات والحروب، ودعم وتعزيز الجهود الرامية لتخفيف الحاجات الإنسانية المتوقعة في حالات الطوارئ المعقدة، بما في ذلك مسائل الحماية، والفقر المتأصل، وانعدام الأمن الغذائي. ومن أهم الصناديق والبرامج التي ساهمت فيها دولة قطر:

1-    صندوق الأمم المتحدة للسكان

2-    برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

3-    صندوق الأمم المتحدة للطفولة

4-    هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة

5-    مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والذي من خلاله يتم دعم:

  • أ‌-مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
  • ب‌- صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ.
  • ت‌- النداءات العاجلة من أجل الاحتياجات الإنسانية.

6-    الصندوق الاستئماني للتهديدات العالمية وردود الأفعال الإقليمية نحو مقاربة مشتركة للقرصنة البحرية.

7-    صندوق الأمم المتحدة الاستئماني لتحالف الحضارات.

8-    صندوق الأمم المتحدة الاستئماني لضحايا الإتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال.

9-    الصندوق الاستئماني لدعم البعثات الخاصة بالأنشطة المتعلقة بالدبلوماسية الوقائية.

10-   صندوق إعادة الإعمار والتنمية في دارفور.